إعداد الباحث عباس نمر
عضو اتحاد المؤرخين العرب
لقد تحدثنا في الحلقة الأولى عن تسمية القرية والموقع والمساحة والحدود وعدد السكان وأسماء الأسر والحمايل في نهاية الدولة العثمانية وعن وظيفة المختار ومجلس إختيارية البلد ثم الحديث عن دير أيوب في بداية الدولة العثمانية ، ودير أيوب ناحية بني مالك ثم عندما أصبحت ناحية صفا ، ثم أسماء قطع الأراضي في القرية ، وفي النهاية عرفنا بأسماء الخرب.
وسوف أتحدث اليوم عن قرية دير أيوب باب الواد (باب واد علي) أيضاً في الفترة العثمانية ، وبالرجوع إلى وثائق المحكمة الشرعية في القدس والوثائق العثمانية من دفاتر مفصلة وسالنامه بالإضافة إلى المراجع والموسوعات مثل كتاب : ( الجغرافية التاريخية لفلسطين وشرق الأردن وجنوب سوريا ) لمؤلفه العلامة الأستاذ الدكتور شيخ الجغرافيين في فلسطين كمال عبد الفتاح وزميله الألماني العلامة الدكتور ديترهيتروت ، وكتاب : ( ملكية الأراضي في متصرفية القدس من 1858م-1918م) للمؤرخ القدير الدكتور أمين مسعود أبو بكر ، بالإضافة إلى الصور القديمة والحديثة التي زودنا بها ابن أخي الأستاذ أحمد حمدان من أرشيفه الخاص عن بلدته وخصوصاً صورة قلعة دير أيوب في باب الواد ، بالإضافة إلى العديد من الوثائق وشهادات خلو موانع زواج وشهادات الميلاد في الفترة العثمانية.
إن دير أيوب مثلما قلنا في الحلقة الأولى هي معشوقة مغروسة في الوجدان فواحة للخير الذي لا ينقطع تواصله ، يبقى العبق موجوداً كمجد قديم حديث ، إنه شعور لا يوصف بل يمارس ممارسة فعلية ولا يعادله أي شعور ، وهاهي دير أيوب تقدم نفسها في الحلقة الأخيرة من خلال الفترة العثمانية في حلقة متواضعة ومختصرة.
سقط سهواً
عندما ذكرنا أسماء الأسر والحمايل في قرية دير أيوب في نهاية الدولة العثمانية سقط سهواً أننا لم نذكر عائلة أبو دهاك وللأهمية ارتأيت أن أزود هذه العائلة الطيبة بتاريخ ميلاد مصطفى حسن مصطفى أبو دهاك جد العائلة وهو (1288هـ -1871م) من مواليد قرية دير أيوب.
دير أيوب في القرن السادس عشر الميلادي
من خلال الوثائق العثمانية في الدفاتر المفصلة والمكتوبة بخط السياق العثماني القديم ولأهمية هذه الوثائق ارتأينا أن نعرض أربع وثائق هي وثيقة عام 1538م ووثيقة عام 1557م لوجود أسماء أرباب الأسر الدافعة لضريبة الزراعة في دير أيوب ، ووثيقة دير أيوب في محاربة نابليون وخلو موانع زواج.
وثيقة عام 1538م
جاءت هذه الوثيقة في الدفتر المفصل لمدينة غزة والرملة ورقم الدفتر (1015- ت ت) والوثيقة فيها أن قرية دير أيوب تابعة لناحية الرملة التابعة لمدينة غزة هاشم وذلك عام 1538م ، وفيها أسماء أرباب الأسر الدافعة لضريبة الزراعة وهم : محمد ولد خليل ، خليل ولد خليل ، حسين ولد بلال ، أحمد ولد سلام ، جعفر ولد أحمد ، غنيم ولد برغوث ، إبراهيم ولد ذياب.
وكانت ضريبة الزراعة تدفع بمقدار (25%) وعند أهالي القرية مسجد وإمام ، وقيمة الضريبة هي : على القمح (الحنطة) كانت تدفع غرارة واحدة وقيمتها (480) أقجة وعلى الشعير أيضا كانت تدفع غرارة واحدة وقيمتها (360) أقجة وضريبة الأشجار المثمرة (677) أقجة ورسوم الماعز (39) أقجة ورسوم النحل (30) أقجة ، والأقجة عملة عثمانية قديمة مصنوعة من الفضة وعيارها عال وهي العملة المتداولة في تلك الفترة ، ولكن خف وزنها وقل عيارها في نهاية الدولة العثمانية ، والغرارة هي أداة كيل وقدرها (613.5) كيلوغرام من القمح.
وثيقة عام 1557م
هذه الوثيقة من الدفتر المفصل رقم (304- ت ت) واسم الدفتر مدينة غزة والرملة وفيها أن قرية دير أيوب كانت تتبع الرملة والرملة كانت تتبع لواء غزة وعدد دافعي ضريبة الزراعة (17) وهم : نجم بن عمر ، عبد الساتر بن عبد لله ، كامل بن عبد الله ، عبد الله بن محمد ، محمد بن علوي ، أحمد بن عادي ، عمر بن يوسف ، نصرة بن جلال ، خليل بن مسلم ، أحمد بن سالم ، اسحق بن نعام ، رافع بن اسحق ، عثيم بن صالح ، مظلوم بن عبادي ، محمد بن جبر ، صمرين بن خليف ، عيسى بن اسحاق ، وكان لهم (17) بيتاً معموراً.
وكانت ضريبة الزراعة على الحنطة (قمح) غرارة واحدة وقيمتها (400) أقجة وضريبة الشعير (2) غرارة وقيمتها (520) أقجة ، أما المال الصيفي مع خراج الأشجار والكروم المثمرة وغيرها من الزراعة الصيفية فقيمتها (2400) أقجة والرسم الذي يدفع على الماعز والغنم والنحل (100) أقجة وفي القرية كان وقف للمرحوم سعد الدين المهندس من أهالي القدس وهو من علماء المذهب الحنفي وله من أرض دير أيوب قيراطان وثلثا القيراط ، وكان الناتج له من مزروعات الأرض (364) أقجة.
وثيقة عام 1596م
هذه الوثيقة من كتاب : ( الجغرافية التاريخية لفلسطين وشرق الأردن وجنوب سوريا ) لمؤلفه العلامة الأستاذ الدكتور شيخ الجغرافيين في فلسطين كمال عبد الفتاح وزميله الألماني البروفسور ديتر هيتروت ، وجاء في الكتاب أن قرية دير أيوب كانت مزدهرة بأهلها وأرضها وكان فيها سبع عشرة عائلة مسلمة وقد اشتهرت بالزراعة الشتوية والصيفية وكان فيها أشجار متنوعة وجاء في إحدى الوثائق العثمانية القديمة أن الأشجار المثمرة في دير أيوب في تلك السنة (542) شجرة وكانت شجرة الزيتون شبه معدومة في القرية واشتهرت القرية بالمزروعات الصيفية كالبطيخ والذرة والشمام والفقوس والخيار والبندورة… إلخ ، ولا ننسى الزراعة الشتوية مثل القمح والشعير وكانت الحكومة العثمانية تأخذ ضريبة على المنتوجات الزراعية (25%) من إنتاج الأرض أو ما يقابله بالأقجة ودفعت القرية في تلك السنة ضريبة عل القمح والشعير والأشجار المثمرة ودفعت رسوم العروس وعلى الماعز والأغنام والنحل وكانت قيمة الضريبة في تلك الفترة (4400) أقجة.
أهالي دير أيوب ضد حملة نابليون على فلسطين
في نهاية القرن الثامن عشر عام 1799م بدأ نابليون بونابرت مع جيش قوامه (13000) جندي بحملة عسكرية لاحتلال فلسطين وما أن وصل عكا وحاصرها حتى عاد مهزوماً إلى مصر بعد ما توفي ثلث جيشه واستفحل الطاعون بالثلث الآخر غير الجرحى ، وأثناء الحصار حورب جيش نابليون من قبل أهالي فلسطين وخصوصاً منطقة طبريا وحيفا ونابلس بالإضافة إلى قرى عكا ، وبين يدي وثيقة هامة جاء فيها : ( اجتمع شيوخ ناحية جبل القدس في القبة النحوية وقطعوا العهد بحلفهم اليمين المغلظ على حرب الدجال نابليون وحلف اليمين الحضور شيوخ قرى الناحية دير دبوان ، ومخماس وبيت اكسا وبرقا وبيت حنينا وشعفاط وبيتين وعناتا وبيتونيا وبير نبالا والجيب وحزما وجبع والجديرة وقلنديا وكفر عقب والرام والنبي صمويل ورافات وحضر شيوخ الولجة ودير أبان وبيت نتيف والقباب ونطاف ودير أيوب وبيت محسير وساريس وعين كارم والمالحة ولفتا وشيوخ نعلين وعبوين والمزارع وجلجيليا ودير غسانة وشيوخ الولجة ورام الله ودير أبان والبيرة فقرروا تجهيز ماية خيال.
هذا وقد أصدر الأستاذ محمد سعيد رمان مؤلفاً صغيراً مفيد أسمه ( أخبار الحملة الفرنسية على مصر وفلسطين في سجلات المحكمة الشرعية في القدس عام 1798م ــ1801م) ويتضمن الكتاب الموقف العسكري للدولة العثمانية وأهالي فلسطين من محاربة نابليون وفيه تعهد نواحي القدس في محاربة نابليون.
دير أيوب زمن الحكم المصري بقيادة إبراهيم باشا
دخل الجيش المصري إلى فلسطين والشام عام 1831م وفي عام 1834م ثارت فلسطين كاملة على الحكم المصري بقيادة إبراهيم باشا ابن محمد علي باشا وأكثر المناطق ضراوة ضده كانت قرى حيفا ونابلس والقدس وكانت المدينة أو القرية التي تستعصي عليه يدمرها ويحرقها وهناك قرى (بعد إخراج أهلها منها لأنهم صمدوا في محاربة الجيش المصري) قسمت أراضيها لمن وقف مع إبراهيم باشا ، وكان إبراهيم باشا ظالماً ومجرماً ، وإليكم قصة دير أيوب حيث كانت المعارك ضارية في منطقة باب الواد حيث وقف المقدسيون وبنو مالك وبنو حسن بزعامة إبراهيم أبوغوش سداً منيعاً في مواجهة إبراهيم باشا حيث هزم في المرة الأولى والثانية من أجل إخماد الثورة وكان قد قال في أحدى رسائله التي بعثها إلى والده محمد علي باشا إننا لم نتقدم وأن من وقفوا ضدنا هم عبارة ( عن قطعة قماش خفيفة ) فبعث له أبوه بجيش لمساعدته في منطقة باب الواد وهزم أيضاً للمرة الثالثة فطلب العون من والده وقال له أريد المزيد وأطلق عليهم (الأشقياء) ثم بعث بسراياه للوقوف على الوضع في باب الواد (واد علي) وعرف أن الثوار قوتهم عظيمة فأنسحب وذهب إلى منطقة نابلس وجاء إلى رام الله وكانت البيرة مركزاً لتجمع الثوار وبعد هزيمة الثوار في البيرة إتجه إلى القدس وجاء إلى منطقة باب الواد من جهة الشرق وجاء بجيش كبير وانتصر على الثوار ودمر حصن اللطرون ودمر نصف ساريس حيث شفع لهم أن أهالي ساريس عالجوا الجرحى من جيش إبراهيم باشا وقد دمر قرية دير أيوب تماماً وخلع أشجارها وخسر الثوار في هذه المعركة حوالي (600-700) ثائر غير الجرحى وهاجر من تبقى من أهالي دير أيوب إلى قرية اماتين في منطقة نابلس وهناك قام جيش إبراهيم باشا ومن معه بقتل رجال أهل القرية وتشتت البقية التي نجت إلى أم الفحم وعيلوط والسوافير ومنهم من رجع إلى اللطرون وعنابه والقباب ورجع إلى القرية فقط عليان وأخوه حمد الله طينة وكانا مطاردين للجيش المصري وأعوانه وبعد خروج إبراهيم باشا نهاية عام 1839م واستتباب الأمر للدولة العثمانية رجعت القرية من جديد إلى أهلها.
خان باب الواد في دير أيوب
الخان هو أكثر أماكن الراحة للقوافل والتجار منها : المباني الحجرية ، ومنها الخيام القوية ، وفي هذه الخانات قسم للخيل والبغال والحمير ، وقسم منزول للرجال والخان عند أهل فلسطين هو البيت الذي يسكنه التجار في تنقلاتهم والمعلومات عن تاريخ خان باب الواد في دير أيوب معدومة وحسب ما جاء في الكتاب الموسوعي (خانات فلسطين) للمؤلف القدير البروفسور شكري عراف أن طرق الخانات في فلسطين كثيرة منها طريق يافا – عمان ونحن هنا نركز على أسماء الخانات من يافا إلى القدس وهي : خانات يافا ثم الرملة واللد ثم خان بيت شمس وخان بدرس وخان كفرورية وخان باب الواد وخان قرية العنب (أبوغوش) ثم الوصول إلى خانات القدس.
وخان باب الواد في دير أيوب ذكره الرحالة كلير منت غانو عام 1873م وقال : إن طريق يافا القدس فيها محطة طريق عبارة عن مقهى أو مكان استراحة ، وكانت هذه الاستراحة لحظة وصول الحجاج القادمين من يافا إلى القدس وكان يقدم للقادمين شراب الليمون والخروب وبعض المشروبات الساخنة ، وقال الدكتور شكري عراف شمل الخان طابقاً أرضياً واسطبلات ومخبزاً وساحة فيها أجران لسقي الدواب وبساتين للراحة ، أما الطابق العلوي فكان مناماً للرجال وهذا الخان ملك آل قطينة.
قلعة باب الواد
يعتقد أن بناء القلعة كان بعد هزيمة إبراهيم باشا في نهاية عام 1839م في فلسطين ، من أجل حماية الحجاج والقوافل ، حيث شيد العثمانيون (17) حصناً على طريق يافا القدس وكان من نصيب قرية دير أيوب حصنان ويطلق أهالي دير أيوب على الحصن اسم قلعة وكان الحصن الأول يجاور بير التينة (قلعة بير التينة) ويقع في غرب القرية وعلى الطريق العام ، وفي فترة الانتداب البريطاني استعمل مستنبتاً أو مشتلاً للأشجار الحرجية وغيرها ، وكان المسؤول عنه دائرة الأحراش وهذه القلعة أصغر من قلعة باب الواد وقد دمر هذا الحصن عام 1967م مع مباني القرية.
أما الحصن أو القلعة الثانية فهي (قلعة باب الواد) وكانت تقع في خربة حرسيس جنوب القرية وهي شمال خان باب الواد وعلى بعد حوالي (250) متراً منه وهذه القلعة ما زالت موجودة حتى اليوم ولم يسلم من هدم القرية عام 1967م إلا هذه القلعة وخان باب الواد وكانت هذه القلعة مركزاً لحماية الحجاج والقوافل وجاء في كتاب (الخانات) أنه عام 1851م كان عدد الجمال المحملة يومياً على شكل قوافل من يافا إلى القدس(100) جمل غير الخيل والبغال والحمير.
وهذه القلعة استعملت في فترة الانتداب مقراً لسكن موظفي التلفونات ومن بعدهم لعمال مصلحة المياه الذين عملوا على ايصال المياه بواسطة انابيب قطرها (18) بوصة من مياه راس العين إلى القدس وكان خط المياه يمر من أراضي دير أيوب وآخر استعمال للقلعة كان سكناً لعمال الأحراش في منطقة باب الواد.
نقطة إحصاء في باب الواد
كان في قرية دير أيوب نقطة إحصاء في باب الواد وهي تشرف على دخول القوافل إلى مدينة القدس وإحصائها وبقيت هذه النقطة تعمل حتى قدوم الانتداب على فلسطين وكان مسؤول النقطة ابن دير أيوب محمد جبر عبد الله الذي تعلم في تركيا وكان معه محمد عبد الله حمدالله ومحمد يوسف عليان وهما من نفس القرية.
المسجد
كان المسجد في دير أيوب الذي بني قديماً معلماً رئيسياً في القرية وتقام فيه الصلوات الخمس والجمعة والعيد وهو المدرسة الحقيقية حيث كان مقراً لحفظ القرآن الكريم مما جعل غالبية كبار السن في القرية يلمون بالقراءة والكتابة ففي عام 1881م كان بجانب المسجد غرفة عبارة عن صف للكُتاب ، وفيها ثمانية صبيان وكان للنساء نصيب في التعليم أمثال جميلة محمد عليان وفاطمة سليمان وذلك في العهد العثماني وكان ذلك بفضل الله تعالى ثم إمام المسجد الشيخ محمد موسى منصور شبانة الخطيب الذي كان إماماً وخطيباً ومأذوناً ومدرساً لأهالي القرية وعين الشيخ إماماً عام 1881م وكان المسجد أيضاً فيه مضافة القرية.
الذين حاربوا مع الدولة العثمانية
عندما أعلنت الدولة العثمانية النفير العام في جميع أركان الدولة ضد كل من بريطانيا وفرنسا وروسيا ، جند كل رجل قادر على حمل السلاح من أجل الدفاع عن حدود الدولة ومنطقة القدس قدمت المتطوعين وكان نصيب دير أيوب عدداً من أبنائها الأشاوس المجاهدين الأبطال وذلك في أعوام 1914م و1915م وعام 1916م وعرفنا منهم :
علي السيد ، أحمد علي ليقه ، محمد عبد الله ذياب ،علي سليمان ذياب ، محمد أبو دهاك ، أحمد عودة الرب ، عبد الرحمن سليمان عليان ، شاكر سليم عليان ، عليان محمد عليان ، عبد الله عمار ، ذيب علي ليقه ، ذيب محمد عليان ، رشيد محمد عليان ، محمد أحمد عليان ، عبد الحميد أحمد عليان ، محمد أحمد عليان.
وكان رجال دير أيوب ضمن طابور القدس الشريف ومنهم من ذهب إلى اليمن وفي الطريق أدوا فريضة الحج وهؤلاء الأبطال بعد ما ذهبوا إلى الجهاد على مختلف الجبهات ، وأدوا ما عليهم من واجب رجعوا إلى قريتهم سالمين باستثناء رجل واحد.
ويجب أن نذكر أن عدداً من أبناء دير أيوب شاركوا القوات العثمانية في معارك باب الواد ضد قوات بريطانيا ومن معهم في الحرب العالمية الأولى.
كلمة لا بد منها
إن الحنين إلى دير أيوب مسقط رأس الآباء والأجداد والحنين إلى عيون القرية وجبالها وسهلها وخربها والحنين إلى مسجد القرية ومقام النبي أيوب وزيتون سيدنا البدوي والأفراح والليالي الملاح والطريق العام الواصل بن القدس ويافا ما هو إلا جزء من الحاضر الصعب والواقع الأليم الذي يعيشه أبن دير أيوب المبعد عن وطنه على طريقة التطهير العرقي والذي لفحته رمضاء الغربة بعيداً عن أرضه منذ النكبة 1948م وحتى اليوم تاركين أعز ما يملكون ، الأرض مسقط الرأس وملعب الصبا ،تاركين قريتهم دير أيوب الضاربة جذورها عميقاً في رحم التاريخ إن قريتنا المعشوقة المغروسة في الوجدان فواحة الخير عشقت أهلها كلما طال البعد ، إن الحنين إلى الماضي ما هو إلا جزء من الحاضر الذي يعيشه الإنسان الفلسطيني المبعد قسرياً عن وطنه وأخيراً إنها الأرض المباركة هي الشغل الشاغل لابن فلسطين الذي لا ينام إلا وهو يحلم بالعودة (وما بضيع حق ووراءه مطالب ) ، وما زالت الأمم المتحدة تعترف بحقوق أهل فلسطين لأن الفلسطينيين متمسكون بهذا الحق المقدس لكن أين التطبيق ؟!!! ولا شيء أخطر على الإنسان من أن يكون جاهلاً بالتاريخ وماضيه ونحن أبناء هذا الوطن ، وإن بلدة دير أيوب صاحبة التاريخ العريق وأهلها الكرماء بحاجة إلى المزيد عن بلدتهم من الحلقات والشرح والتفصيل وإن ما قدمناه لا يفي دير أيوب ولا أهلها عن الفترة العثمانية وهي بحاجة إلى المزيد ونحن لم نتطرق إلى العادات والتقاليد والأفراح والأتراح والحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدينية والصحية والأزياء الشعبية… إلخ.
وأخيراً
وفي الختام أزجي شكري لأسرة مؤسسة إحياء التراث والبحوث الإسلامية في أبوديس والتابعة لوزارة الأوقاف والشؤون الدينية التي دائماً تزودنا بقراءة الوثائق القديمة خصوصاً العثمانية القيمة ولا تبخل على أحد ، والشكر موصول إلى كل من أسرة مكتبة بلدية البيرة العامة ولأسرة مكتبة القطان في رام الله وللأستاذ حمدلله عليان رئيس جمعية دير أيوب وأعضاء الجمعية الذين كانوا سبباً في اظهار هذه الحلقات وذلك لجهد الجميع الصادق والمخلص في إعطاء المعلومة ومساعدتهم للباحثين والمهتمين وتيسير كل وسائل البحث الجاد وإلى اللقاء في بحث آخر إن شاء الله.