عن رجل من أصحاب النبي : (أن رجلاً قال للنبي أخبرني بكلمات أعيش بهن، ولا تكثر علي فأنسى. قال: "اجتنب الغضب". ثم أعاد عليه، فقال: "اجْتَنِبِ الغضب").
الإنسان ضيف
عن أبي سليمان الداراني قال: حدثني سعيد الأفريقي، قال: كنت ببيت المقدس مع أصحاب لي في المسجد، فإذا أنا بجارية عليها درع من شعر وخمار من صوف، فإذا هي تقول: إلهي وسيدي ما أضيق الطريق على من لم تكن دليله، وأوحش خلوة من لم تكن أنيسه.
فقلت: يا جارية ما قطع الخلق عن الله عز وجل؟!.
قالت: حب الدنيا، إلا أن لله عز وجل عباداً أسقاهم من حبه شربة فولهت (ملئت) قلوبهم فلم يحبوا مع الله عز وجل غيره. ثم قالت تنشد:
تـزود قرينـاً من فعـالك إنما
قرين الفتى في القبر ما كان يعمل
ألا إنما الإنسـان ضيف لأهلـه
يقيـم قليـلاً عنـدهم ثم يرحـل
موعظة
كان بالبصرة عابد قد أجهده الخوف والوله وأسقمه البكاء وأنحله، فلما حضرته الوفاة جلس أهله يبكون حوله، فقال لهم: أجلسوني، فأجلسوه، فأقبل عليهم، وقال لأبيه: يا أبت ما الذي أبكاك؟ قال: يا بني ذكرت فقدك وانفرادي بعدك، فالتفت إلى أمه، وقال: يا أماه، ما الذي أبكاك؟ قالت: لتجرعي مرارة ثكلك، فالتفت إلى زوجته ، وقال: لها ، ما الذي أبكاكِ؟ قالت: لفقد بركتك وحاجتي لغيرك، فالتفت إلى أولاده، وقال: ما الذي أبكاكم؟ قالوا: لذُل اليتم والهوان بعدك، فعند ذلك نظر إليهم وبكى. فقالوا له: ما يبكيك أنت؟ قال: أبكي لأني رأيت كلاً منكم يبكي لنفسه لا لي، أما فيكم من بكى لطول سفري؟ أما فيكم من بكى لقلة زادي؟ أما فيكم من بكى لمضجعي في التراب؟ أما فيكم من بكى لما ألقاه من سوء الحساب؟ أما فيكم من بكي لموقفي بين يدي رب الأرباب؟ ثم سقط على وجهه فحركوه، فإذا هو ميت.
اللهم
اللهم إِني أسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحبَّ المساكين، وأن تغفر لي، وترحمني، وإِذا أردت فتنة قومٍ فتوفَّني غير مفتونٍ، وأسألك حبَّك، وحبَّ من يُحبك، وحبَّ عملٍ يُقربني إلى حبك.
أبو مسلم الخولاني يعظ معاوية
يروى أن خليفة المسلمين معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه كان جالساً على منبر دمشق فشاهد في المجلس أبو مسلم الخولاني ، فقال له الخليفة : عظنا ، فقال: يا معاوية إنما أنت قبر من القبور إن جئت بشيء كان لك شيء وإن لم تجيء بشيء فلا شيء لك يا معاوية ولا تحسبن الخلافة جمع المال وتفرقته ولكن الخلافة العمل بالحق والقول بالعدل وأخذ الناس في ذات الله يا معاوية إنا لا نبالي بكدر الأنهار وما صفت لنا رأس عيننا وإنك رأس عيننا يا معاوية : إنك إن تحف على قبيلة من قبائل العرب يذهب حيفك بعدلك فلما قضى أبو مسلم مقالته أقبل عليه معاوية فقال: يرحمك الله يرحمك الله زدنا في زياراتك .
بهذا فضل علينا
عن القاسم بن محمد قال: كنا نسافر مع ابن المبارك فكثيراً ما كان يخطر ببالي فأقول في نفسي: بأي شيء فُضل هذا الرجل علينا حتى اشتهر في الناس هذه الشهرة؟ إن كان يصلي إنا لنصلي، ولئن كان يصوم إنا لنصوم، وإن كان يغزو فإنا لنغزو، وإن كان يحج إنا لنحج، قال: فكنا في بعض مسيرنا في طريق الشام ليلة نتعشى في بيت إذ طفئ السراج فقام بعضنا فأخذ السراج وخرج يستصبح فمكث هُنيهة ثم جاء بالسراج فنظرت إلى وجه ابن المبارك ولحيته قد ابتلت من الدموع، فقلت في نفسي: بهذه الخشية فُضِّل هذا الرجل علينا، ولعله حين فقد السراج فصار إلى الظلمة فذكر القيامة ، ومع الأيام عرفنا من هو أبن المبارك الرجل الزاهد العالم الفقيه الذي يحب أحباء الله .
التعفف عن المال
التقى عبد الرحمن بن عوف وأبو ذر، فقبَّل عبد الرحمن ما بين عيني أبي ذر لكثرة سجوده، وقبَّل أبو ذر يمين عبد الرحمن لكثرة صدقته. فلما افترقا بعث إليه عبد الرحمن ببدرة [كيس من المال] وقال لغلامه:
إن قبلها منك فأنت حرّ. فأبى أن يقبلها. فقال الغلام: اقبل رحمك الله، فإن في قبولك عتقي، فقال أبو ذر: إن كان عتقك فيه فإن فيه رقِّي، وردها.
اللهم
اللهم إني أسألك فواتح الخير، وخواتمه، وجوامعه، وأوله، وظاهره، وباطنه، والدرجات العلى من الجنة اللهم آمين يا رب العالمين .
جاء في الحديث الصحيح عن رسول الله أنه قال: (لقيت إبراهيم ليلة أُسري بي، فقال: يا محمد! أقرئ أمتك مني السلام، وأخبرهم، أن الجنة طيبة التربة، عذبة الماء، وأنها قيعان؛ غراسها: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر [ولا حول ولا قوة إلا بالله]).
اختر صاحب الدين
أراد نوح ابن مريم أن يزوج ابنته واستشار جاراً له مجوسياً، فقال المجوسي: سبحان الله، الناس يستفتونك وأنت تستفتيني!.
قال: لابد أن تشير عليّ، فقال: إن رئيس الفرس كسرى كان يختار المال، ورئيس الروم قيصر كان يختار الجمال، ورئيس العرب كان يختار الحَسَب، ورئيسكم محمد كان يختار الدين، فانظر لنفسك بمن تقتدي؟.
يتبع العلم حيثما كان
عن عبد الرحمن بن حبيب بن أزدك قال: سمعت نافع بن جبير يقول لعلي بن الحسين رضي الله عنهما ، أنت سيد الناس وأفضلهم تذهب إلى هذا العبد فتجلس معه – يعني: زيد بن أسلم – فقال: إنه ينبغي للعلم أن يتبع حيث ما كان.
ثلاث وأي ثلاث
عن مالك بن أنس قال: لما قال سفيان الثوري لجعفر الصادق: لا أقوم حتى تحدثني. قال له: انا أحدثك وما كثرة الحديث لك بخير فقال سفيان: أي: الكمال كله لله عز وجل ، قال جعفر الصادق رحمه الله : يا سفيان إذا أنعم الله عليك بنعمة فأحببت بقاءها ودوامها فأكثر من الحمد والشكر عليها، فإن الله عز وجل قال في كتابه: لئن شكرتم لأزيدنكم [إبراهيم: 7]. وإذا استبطأت الرزق فأكثر من الاستغفار فإن الله تعالى قال في استغفروا ربكم إنه كان غفاراً، يرسل السماء عليكم مدراراً، ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً [نوح: 10-12]. يا سفيان إذا حزبك أمر من سلطان أو غيره فأكثر من لا حول ولا قوة إلا بالله، فإنها مفتاح الفرج وكنز من كنوز الجنة، فعقد سفيان بيده وقال: ثلاث وأي ثلاث.
اللهم
اللهم ألِّف بين قلوبنا، وأصلح ذات بيننا، واهدنا سبل السلام، ونجِّنا من الظلمات إلى النور، وجنِّبنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وبارك لنا في أسماعنا، وأبصارنا، وقلوبنا، وأزواجنا وذرياتنا، وتُب علينا إِنك أنت التَّوَّاب الرحيم، واجعلنا شاكرين لنعمك مثنين بها عليك قابلين لها وأتممها علينا.
ذلك فضل الله عز وجل
عن عبد الرحمن بن زيد قال: قال ابن المنكدر لأبي حازم: يا أبا حازم، ما أكثر من يلقاني فيدعو لي بالخير ما أعرفهم وما صنعت إليهم خيراً قط. قال له أبو حازم: لا تظن أن ذلك من عملك، ولكن انظر الذي من قبله فاشكره.
وقرأ ابن زيد: إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وداً [مريم: 96].
اتقِ دعوة المظلوم أولاً
عن بكر بن محمد العابد قال: دخل مالك بن دينار على والي البصرة، فقال له الوالي: ادع لي. فقال: كم من مظلوم بالباب يدعو عليك ، فإتق دعوة المظلوم أولاً ويستجاب الدعاء .
حب الدنيا
عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال: قلت لأبي حازم يوماً: إني لأجد شيئاً يحزنني. قال: وما هو يا ابن أخي؟ قلت: حبي الدنيا. فقال لي: يا ابن أخي، إن هذا الشيء ما أعاتب نفسي على حب شيء حببه الله تعالى لي، لأن الله عز وجل قد حبب هذه الدنيا إلينا، ولكن لتكن معاتبتنا أنفسنا في غير هذا، أن لا يدعونا حبها إلى أن نأخذ شيئاً من شيء يكرهه الله، ولا أن نمنع شيئاً من شيء أحبه الله، فإذا نحن فعلنا ذلك لا يضرنا حبنا إياها.
حكمة بليغة
عن طلحة بن مصرف قال: قيل لخيثمة: أي شيء يسمن في الجدب والخصب، وأي شيء يهزل في الخصب والجدب، وأي شيء هو أحلى من العسل ولا ينقطع؟.
قال: أما الذي يسمن في الجدب والخِصْب فهو المؤمن إن أعطى شكر وإن ابتلى صبر، والذي يهزل في الخصب والجدب فهو الكافر إن أعطى لم يشكر، وإن ابتلى لم يصبر، وشيء هو أحلى من العسل ولا ينقطع وهي الألفة التي جعلها الله بين المؤمنين.
اللهم
اللهم إني أسألك خير ما آتي، وخير ما أفعل وخير ما أعمل، وخير ما بطن، وخير ما ظهر، والدرجات العلى من الجنة الله آمين.
مات الرجل الصالح
عن محمد بن معبد: أن عمر بن عبد العزيز أرسل بأسارى من أسارى الروم ففادى بهم أسارى من أسارى المسلمين، فكنت إذا دخلت عل ملك الروم دخلت عليه عظماء الروم وإذا خرجت خَرجت، فدخلت يوماً فإذا هو جالس في الأرض مكتئباً حزيناً، فقلت: ما شأن الملك؟ قال: وما تدري ما حدث؟ قلت: وما حدث؟ قال: مات الرجل الصالح. قلت: من؟ قال: عمر بن عبد العزيز ثم قال ملك الروم: لأحسب أنه لو كان أحد يحيي الموتى بعد عيسى ابن مريم لأحياهم عمر بن عبد العزيز، ثم قال: لست أعجب من الراهب أغلق بابه ورفض الدنيا وترهب وتعبد، ولكن أتعجب ممن كانت الدنيا تحت قدميه فرفضها ثم ذهب.
كيف لو رأيتني بعد ثلاث
عن محمد بن كعب قال: لما استخلف عمر بن عبد العزيز بعث إليّ وأنا بالمدينة، فقدمت عليه، فلما دخلت جعلت أنظر إليه نظراً لا أصرف بصري عنه تعجباً. فقال: يا ابن كعب إنك لتنظر إليّ نظراً ما كنت تنظره. قلت: تعجباً. قال: ما أعجبك؟ قلت: يا أمير المؤمنين، أعجبني ما حال من لونك ونحل من جسمك، ونفش من شعرك. قال: فكيف لو رأيتني بعد ثلاث وقد دليت في حفرتي وسالت حدقاتي على جنتي، وسال منخري صديداً ودماً، كنت لي أشد نكرة.
طب وفقه وحلم
عن عبد الصمد بن معقل أنه سمع وهب بن منبه يقول لرجل من جلسائه: ألا أعلمك طباً لا يتعايا فيه الأطباء، وفقهاً لا يتعايا فيه الفقهاء، وحلماً لا يتعايا فيه الحلماء، قال: بلى، يا أبا عبد الله. قال: أما الطب الذي لا يتعايا فيه الأطباء، فلا تأكل طعاماً إلا سميت الله على أوله وحمدته على آخره، وأما الفقه الذي لا يتعايا فيه الفقهاء، فإن سئلت عن شيء عندك فيه علم فأخبر بعلمك وإلا فقل لا أدري، وأما الحلم الذي لا يتعايا فيه الحلماء فأكثر الصمت إلا أن تسال عن شيء.
دعاء المرء لنفسه
عن عبد الله بن صالح المكي قال: دخل عليَّ طاووس يعودني فقلت: يا أبا عبد الرحمن ادع الله لي. فقال: ادع لنفسك فإنه يجيب المضطر إذا دعاه.
دعاء عبيد بن عمير
عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال: كان إذا دخل عبيد بن عمير المسجد وقد غابت الشمس فسمع النداء قال: اللهم إني أسألك عند حضور إقبال ليلك، وإدبار نهارك، وقيام دعاتك، وحضور صلاتك، أن تغفر لي وترحمني، وأن تجيرني من النار، وإذا أصبح قال مثل ذلك قبل أن يصلي الفجر.
موت الكرام
عن يعقوب بن إسحاق أنه حضر رجلاً يموت، فقيل له: قل لا إله إلا الله. فقال:
إذا أنا مت فالهـوى حشـو قلبـي
فـبـدار الهـوى يموت الـكرام
ثم قال: يا من لا يموت، ارحم من يموت. ثم لم يلبث أن مات.
توقير الإمام مالك لسنة النبي
عن ابن أبي أويس قال: كان مالك – يعني ابن أنس – إذا أراد يحدث توضأ وجلس على فراشه، وسرح لحيته، وتمكن في الجلوس بوقار وهيبة ثم حدث. فقيل له في ذلك فقال: أحب أن أعظم حديث رسول الله ، ولا أحدث بع إلا على طهارة متمكناً. وكان يكره أن يحدث في الطريق وهو قائم أو يستعجل، فقال: أحب أن أتفهم ما أحدث به عن رسول الله .
القيام على شؤون المسلمين
عن سهل بن بشر قال: كان إبراهيم بن أدهم إذا صلى العشاء وقف بين يدي الدور ينادي بأعلى صوته: من يريد أن يطحن؟ فكانت المرأة تخرج القفة والشيخ الكبير فينصب الرحى (الطاحونة) بين رجليه فلا ينام حتى يطحن بلا كراء، ثم يأتى أصحابه.
السعي وراء الحلال
عن خلف بن تميم قال: قلت لإبراهيم بن أدهم: مذ كم نزلت بالشام؟ قال: منذ أربع وعشرين سنة، ما نزلتها لجهاد ولا لرباط. فقلت: لأي شيء نزلتها؟ قال: لأشبع من خبز حلال.
اللهم لا تنسَ هذا اليوم لإبراهيم
عن شفيق بن إبراهيم قال: بينا نحن ذات يوم عند إبراهيم ابن أدهم إذ مر به رجل من الصناع فقال إبراهيم ابن أدهم: أليس هذا فلاناً؟ قال: نعم. فقال لرجل: أدركه فقل له: قال لك إبراهيم: مالك لم تسلم؟ قال: لا والله إن امرأتي وضعت وليس عندي شيء فخرجت شبه المجنون، فرجع الرجل إلى إبراهيم ابن أدهم وقلت له: إنا لله كيف غفلنا عن صاحبنا حتى نزل به الأمر، فقال ابن أدهم: يا فلان أئنت صاحب البستان فاستسلف من إبراهيم ابن أدهم دينارين وذهب إلى السوق فاشترى لصاحبه ما يصلحه بدينار من كل شيء وتوجهت إليه فدققت الباب فقالت امرأته: من هذا؟ قلت: أنا، أردتُ فلاناً. قالت: ليس هو هنا. قلت: فمري بفتح الباب وتنحى. ففتحتْ الباب فأدخلتُ ما على البعير وألقيته في صحن الدار وناولتها الدينار. فقالت: على يدي من هذا؟ قلت: قولي على يد أخيك إبراهيم بن أدهم. فقالت: اللهم لا تنسىَ هذا اليوم لإبراهيم.
إن الله مطلع عليك فاحذره
عن منصور قال: جاء رجل إلى أبي يزيد – يعني البسطامي – فقال: أوصني. فقال له: انظر إلي السماء فنظر صاحبه إلى السماء فقال له أبو يزيد: أتدري من خلق هذا؟ قال: الله. قال أبو يزيد: إن من خلقها لمطلع عليك حيث كنت فاحذره.
يا بنيّ ... اتقوا الله
عن أبي عبد الرحمن العمري الزاهد قال: جمع أبو طوالة عبد الرحمن ابن عبد الله بن معمر بن حزم الأنصاري وُلْدَه عند موته فقال: يا بنيّ، اتقوا الله لم أُبالِ ما صنع الله بكم.
تاقت نفسي إلى الجنة
قال رجاء بن حيوة – وزير عمر بن عبد العزيز المخلص -: كنت مع عمر بن عبد العزيز لما كان والياً على المدينة، فأرسلني لأشتري له ثوباً، فاشتريته له بخمسمائة درهم. فلما نظر فيه قال: هو جيد لولا أنه رخيص الثمن.
فلما صار خليفة للمسلمين، بعثني لأشتري له ثوباً فاشتريته له بخمسة دراهم، فلما نظر فيه قال: هو جيد لولا أنه غالي الثمن.
قال رجاء: فلما سمعت كلامه بكيت. فقال لي عمر: ما يبكيك يا رجاء؟ قلت: تذكرت ثوبك قبل سنوات وما قلت عنه. فكشف عمر لرجاء ابن حيوة سر هذا الموقف، وقال: يا رجاء، إن لي نفساً تواقة، وما حققت شيئاً إلا تاقت لما هو أعلى منه. تاقت نفسي إلى الزواج من ابنة عمي فاطمة بنت عبد الملك فتزوجتها. ثم تاقت نفسي إلى الإمارة فوليتها وتاقت نفسي إلى الخلافة فنلتها. والآن يا رجاء تاقت نفسي إلى الجنة. فأرجو أن أكون من أهلها.
موعظة
ذكر الإمام العالم نجم الدين النسفي رحمه الله سورة المدثر وسورة المزمل فقال : إن الله عز وجل أمر نبيه في سورة المزمل بقيام الليل وأمره في سورة المدثر بقيام النهار ليدعو الناس إلى الله ليعبدوه وكأنه يقول له : (إجعل ليلك في خدمة الحق ..) فقم بالنهار منذراً ليقبل الدبرون وقم بالليل مصلياً لينجو بشفاعتك المذنبون .
التقوى خير زاد
قال عبد الله بن الحكم للشافعي لما قدم مصر: إذا أردت أن تسكن مصر فليكن لك قوت سنة، ومجلس من السلطان تتعزز به، فقال له الشافعي: يا أبا محمد، من لم تعزه التقوى فلا عز له، ولقد ولدت بغزة، ورُبيت بالحجاز، وما عندنا قوت ليلة، وما بتنا جياعاً قط.
إني لكم مكان أبيكم
يقول أحدهم عن ابن تيمية – عليه رحمة الله -: والله ما رأيته يدعو على أحد من خصومه، بل كان يدعو لهم، ويقول جئته يوماً مبشراً له بموت أكبر أعدائه، قال: فنهرني واسترجع وحوقل [أي قال: لا حول ولا قوة إلا بالله]، وذهب إلي بيت الميت، فعزاهم وقال: إني لكم مكان أبيكم فسلوا ما شئتم، فسروا به كثيراً، ودعوا له كثيراً، وعظموا حاله ولسان حالهم والله ما رأينا مثلك:
أحسـن إلـى الناس تسـتعبد قلوبـهم
لطالمـا ملك الإنسـانَ إحسـانُ
لا يحمـل الحقـدُ من تعلو به الرتبُ
ولا ينال العلا من طبعه الغضب
الرزاق لا يموت
خرج رجل للجهاد في سبيل الله، وترك زوجته وأولاده، وإذا ببعض النسوة يقلن للزوجة: أيتها الأم المسكينة من يقوم على عيالك ويرعى أولادك إذا قدر الله على زوجك الموت، وكتب له الشهادة؟!! فقالت المرأة بإيمان بالله وثقة به: إني أعرف زوجي أكّالاً ولم أعرفه رزّاقاً، فإذا مات الأكّال بقي الرزّاق.
إن من الشعر لحكمة
قال أهل التصوف :
أراني بعيد الدار لا أقرب الحمى
وقد نصبت للساهرين خيام
(علامة طردي ) طول ليلي نائمٌ
وغيري يرى أن المنام حرامُ
اللهم
اللهم احفظني بالإِسلام قائماً، واحفظني بالإِسلام قاعداً، واحفظني بالإِسلام راقداً، ولا تُشمت بي عدواً ولا حاسداً. اللهم إني أسألك من كلِّ خيرٍ خزائنه بيدك، وأعوذ بك من كلِّ شرٍّ خزائنه بيدك.
صدقا فأنكحك الصدق
خطب بلال لأخيه رباح امرأة قرشية فقال لأهلها: نحن من قد عرفتم: كنا عبدين فأعتقنا الله، وكنا ضالين فهدانا الله، وكنا فقيرين فأغنانا الله. وأنا أخطب إليكم على أخي فلانة فإن تنكحونا فالحمد لله، وإن تردونا فالله أكبر. فأقبل بعضهم على بعض فقالوا: بلال من قد عرفتم سابقته ومشاهده ومكانه من رسول الله فزوجوا أخاه. فلما انصرفا قال له أخوه: يغفر الله لك أما كنت تذكر سوابقنا ومشاهدنا مع رسول الله ؟ قال: يا أخي صدقت فأنكحك الصدق.
ملك الدنيا والآخرة بالزهد
قال حماد بن زيد: قال رجل لمحمد بن واسع: أوصني، قال: أوصيك أن تكون ملكاً في الدنيا والآخرة، قال: كيف؟ قال: ازهد في الدنيا.
إذا خشع جبار الأرض رحمه جبار السماء
قحط الناس أيام القاضي منذر البلوطي – رحمه الله – قاضي قضاة الأندلس فأمر الملك أن يستسقي للناس، فلما جاءته الرسالة مع البريد قال لحاملها: كيف تركت الملك؟ قال: تركته أخشع ما يكون وأكثر دعاءً وتضرعاً فقال: سقيتم والله وإذا خشع جبار الأرض رحمه جبار السماء. ثم قال لغلامه: ناد في الناس: الصلاة، فجاء الناس إلى محل الاستسقاء وجاء القاضي منذر فصعد المنبر والناس ينظرون إليه ويسمعون ما يقول، فلما أقبل عليهم كان أول ما خطبهم به قال: سلام عليكم: كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [الأنعام: 54]، ثم أعادها مراراً فأخذ الناس في البكاء والنحيب والتوبة والإنابة فلم يزالوا كذلك حتى سقوا ورجعوا يخوضون في الماء.
ما على المحسنين من سبيل
قال الأوزاعي: خرج الناس يستسقون بدمشق، وفيهم بلال بن سعد، فقام فقال: يا معشر من حضر: ألستم مقرين بالإساءة؟ قلنا: نعم، قال: اللهم إنك قلت: مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ [التوبة: 91]، وقد أقررنا الإساءة، فاعف عنا واسقنا، قال: فسقينا يومئذٍ.
اللهم
اللهم إني أسألك بأنَّ لك الحمد لا إِله إِلا أنت [وحدك لا شريك لك] المنَّان يا بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والإِكرام، يا حيُّ يا قيُّوم، إِني أسألك الجنة وأعوذ بك من النار.
لولا الله ما أتيتكم به
قال الإمام ابن جرير الطبري : "لما هبط المسلمون المدائن، وجمعوا الأقباض – الغنائم – أقبل رجل بحق معه وعاء كبير مملوء من الجوهر والتحف – فدفعه إلى صاحب الأقباض فقال والذين معه: ما رأينا مثل هذا قط! ما يعدله ما عندنا ولا يقاربه، فقالوا: هل أخذت منه شيئاً؟ فقال: أما والله لولا الله ما أتيتكم به، فعرفوا أن للرجل شأناً فقالوا: من أنت فقال: لا والله لا أخبركم لتحمدوني، ولا غيركم ليقرظوني ولكني أحمد الله وراضى بثوابه.
فقه ابن عباس
وجه ملك الروم إلى معاوية بقارورة، فقال: ابعث إليَّ فيها من كل شيء حيّ، فبعث بها إلى ابن عباس، فقال: تُملأ له ماء. فلما ورد به على ملك الروم، قال له أخوه: ما أدهاه؟ فقيل لابن عباس: كيف اخترت ذلك؟ قال: يقول الله عز وجل: وَجَعَلْنَا مِنْ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ [الأنبياء: 30].
التقوى خير سلاح
قال أبو حازم – وقد قيل له: إنك متشدد -: قال: ومالي لا أتشدد، وقد ترصدني أربعة عشر عدواً:
أما أربعة: فشيطان يفتنني، ومؤمن يحسدني، وكافر يقتلني، ومنافق يبغضني.
وأما العشرة: فمنها الجوع، والعطش، والحر، والبرد، والعرى، والهرم، والمرض، والفقر، والموت، والنار، ولا أطيقهن إلا بسلاح تام، ولا أجد لهن سلاحاً أفضل من التقوى.
ما لنا لا نطلب العلم
أرسل بعض الأمراء إلى أبي حازم، فأتاه وعنده الأفريقي والزهري وغيرهما. فقال له: تكلم يا أبا حازم.
فقال أبو حازم: إن خير الأمراء من أحب العلماء، وإن شر العلماء من أحب العلماء.
وإنه كان فيما مضى، إذا بعث الأمراء إلى العلماء لم يأتوهم وإذا أعطوهم لم يقبلوا منهم، وإذا سألوهم لم يرخصوا لهم.
وكان الأمراء يأتون العلماء في بيوتهم، فيسألونهم، فكان في ذلك صلاح للأمراء، وصلاح للعلماء.
فلما رأى ذلك ناس من الناس، قالوا: ما لنا لا نطلب العلم حتى نكون مثل هؤلاء، فطلبوا العلم، فأتوا الأمراء، فحدثوهم فرخصوا لهم، وأعطوهم فقبلوا منهم، فجرؤت الأمراء على العلماء، وجرؤت العلماء على الأمراء.
اللهم
اللهم إني أعوذ بك من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء.
لولا هول المطلع
قال أبو نعيم: انطلق الحسن البصري وإياس إلى أبي نضرة يعودانه، فقال له أبو نضرة: ادن مني يا أبا سعيد.
فدنا منه الحسن، فوضع أبو نضرة يده على عنق الحسن، وقبَّل خده.
فقال الحسن: يا أبا نضرة إنك والله لولا هول المطلع لسر رجالاً من إخوانك أن يكونوا فاقوا ما هاهنا.
فقالوا: يا أبا سعيد اقرأ سورة، وادعُ بدعوات.
فقرأ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص: 1]، والمعوذتين، وحمد الله وأثني عليه، وصلى على النبي ، ثم قال: اللهم مسَّ أخانا الضر فبكى أبو نضرة، وبكى الحسن، فبكى أهل البيت رحمةً لأخيهم.
قال إياس: فما رأيت الحسن بكى بكاءً أشد منه، وقال أبو نضرة: يا أبا سعيد، كن أنت الذي يُصلي عليَّ.
والله عنهن لتسألن
قيل: إن أعرابياً وقف على عمر بن الخطاب فقال:
يا عـمـر الخيـر جزيـت الجنـة
أكــس بنيـاتـي وأمــهنه
وكـن لنـا فـي ذا الزمـان جُنـة
أقســـم باللــه لتـفـعلنه
فقال عمر: وإن لم أفعل يكون ماذا؟
قال: إذاً يا أبا حفص لأمضينه [أي: أذهب].
فقال: فإن مضيت يكون ماذا؟.
قال:
واللـه عنهـن لتسـألنـه
يوم تكون الأعطيات منة
ومـوقف المسـؤول بينهن
إمـا إلى نار وإمـا جنة
فبكى عمر حتى اخضلت لحيته، ثم قال لغلامه: يا غلام، أعطه قميصي هذا لذلك اليوم، لا لشعره، لا أملك غيره.
اللهم
اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل، والجبن والهرم والبخل، وأعوذ بك من عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات.
إياكم وأبواب الولاة
دخل سفيان الثوري على الفضيل بن عياض – رحمهما الله تعالى – يوماً، فقال له: عظني يا أبا علي. فقال له الفضيل:
وبماذا أعظكم معاشر العلماء، كنتم سُرجاً يستضاء بكم في البلاد، فصرتم ظلمة، وكنتم نجوماً يُهتدى بكم في ظلمات الجهل، فصرتم حيرة.
يأتي أحدكم إلى أبواب هؤلاء الولاة، فيجلس على فرشهم، ويأكل من طعامهم، ويقبل هداياهم، ثم يدخل بعد ذلك إلى المسجد، فيجلس فيه ثم يقول: حدثنا فلان عن فلان عن رسول الله بكذا، والله ما هكذا يطلب العلم.
قال: فبكى سفيان حتى خنقته العبرة،وخرج.
اصبر حتى أعيد صلاتي
صلى معروف الكرخي خلف إمام، فلما فرغ من صلاته قال الإمام لمعروف: من أين تأكل؟ قال: اصبر حتى أعيد صلاتي التي صليتها خلفك.
قال: ولِمَ؟ قال: لأن من شك في رزقه شك في خالقه.
يا من لا ينسى خلقه
أوحى الله تعالى إلى نبيه يوسف : انظر إلى الأرض فنظر إليها، فانفجرت، فرأى دودة على صخرة ومعها الطعام، فقال له: أتراني لم أغفل عنها، وأغفل عنك، وأنت نبي وابن نبي.
اللهم
اللهم بعلمك الغيب، وقدرتك على الخلق، أحيني ما علمت الحياة خيراً لي، وتوفَّني إذا علمت الوفاة خيراً لي، اللهم إِني أسألك خشيتك في الغيب والشهادة وأسألك كلمة الحق في الرِّضا والغضب، وأسألك القصد في الغنى والفقر، وأسألك نعيماً لا ينفد، وأسألك قُرَّة عينٍ لا تنقطع، وأسألك الرِّضا بعد القضاء، وأسألك برد العيش بعد الموت، وأسألك لذَّة النظر إلى وجهك، والشوق إِلى لقائك، في غير ضرَّاء مُضرَّةٍ، ولا فتنةٍ مُضلةٍ، اللهم زيِّنا بزينة الإِيمان، واجعلنا هُداةً مهتدين.