من إصدارات وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بالتعاون مع مؤسسة إحياء التراث والبحوث الإسلامية ،
من إصدارات وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بالتعاون مع مؤسسة إحياء التراث والبحوث الإسلامية ، كتاب : ( مقام النبي موسى عليه السلام )
لكل أمة من الأمم أعيادها ومناسبتها ولك شعب من الشعوب مواسمه وتقاليده التي يفتخر بها ويحافظ عليها ، أما نحن الفلسطينيون فإن لنا مناسبات أكثر من أن تحصى لأن فلسطين بعمقها التاريخي تميزت بخصوصية اكتسبتها من البعد الروحي الإيماني المرتبط بالزمان والمكان ويزداد الصراع على الأرض المباركة سخونة كل يوم من قبل المحتل بغية في تغيير الملامح المعمارية والثقافية والدينية والجغرافية والتاريخية والإنسانية مع ازدياد اقتحاماتهم للمسجد الأقصى المبارك وبناء مستوطناتهم وبشكل متسارع .
إن الواجب على الأمتين العربية والإسلامية مساندة هذا الشعب الذي يتعرض لهجمة شرسة طالت الأرض والإنسان .
لذلك فإن آل أيوب ومن بعدهم المماليك صنعوا لأول مرة في تاريخ فلسطين ظاهر المواسم ووزعت جغرافياً على كافة الأرض المباركة فجعل لكل مدينة أو قرية لها ثقلها في موقعها موسماً خاصاً وليست المناسبة التي يحي فيها أهل فلسطين موسم النبي موسى عليه السلام إلا واحدة من تلك المناسبات العديدة التي تغطي أرض فلسطين ، لذلك كم كنت مسروراً للإنجاز القيم من إصدار وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بالتعاون مع مؤسسة إحياء التراث والبحوث الإسلامية في أبو ديس كتاب : ( مقام النبي موسى عليه السلام ) حيث جاءا لكتاب في (89) صفحة من القطع المتوسط المليئة بالوثائق والصور القديمة وبدء الكتاب بالمقدمة ثم بالموقع الجغرافي لمقام النبي موسى عليه السلام وبعدها كيف تم تأسيس المقام ومراحل اعماره وتضمن الكتاب الحديث عن أوقاف النبي موسى عليه الصلاة والسلام ثم موسم النبي موسى عليه السلام في العصر العثماني واختتم الكتاب بموسم النبي موسى في القرن العشرين .
بداية
ينظر الفلسطينيون إلى وطنهم نظرة إجلال وتقدير فهي أرض الإسراء والمعراج وأرض الأنبياء والرسل عليهم الصلاة السلام وأولى القبلتين وثاني المسجدين الشريفين لذا انتشر فيها الكثير من المعالم التي تعبر عن تلك النظرة ومن تلك المعالم المقامات التي لا تخلو أية قرية أو مدينة فلسطينية من مقام واحد منها على الأقل منسوب إلى أحد الأنبياء والرسل عليهم السلام أو أحد الصحابة رضوان الله عليهم أو أحد الأولياء والصالحين والعلماء .
الموقع الجغرافي لمقام النبي موسى عليه السلام
يقع مقام النبي موسى فيما عرف تاريخياً ببرية القدس حيث نجد المقام على بعد حوالي (30) كيلومتراً شرقي مدينة القدس وللتحديد يقوم هذا المقام على بعد (8) كيلومتر إلى الجنوب الغربي من مدينة أريحا التاريخية ، ومن الملاحظ أن المنطقة التي فيها المقام تنخفض عن سطح البحر بمقدار (65) متر إلا أن المقام يقوم فوق تلال صخرية ذات طبيعة جيرية مختلطة بالقطران والصوان وسط ما يكتنفها من كثبان رملية ، لذا فهي فقيرة جرداء ومنعزلة لكنها شكلت مأوى تاريخياً للنساك والمتعبدين منذ الفترة البيزنطية وهي تتمتع بخاصية الإشراف والمراقبة لما حولها في تعزيزي إمكانية الهجوم والدفاع عما يليها نتيجة ما تتيحه من فرص في التحكم بشبكة من الطرق والدروب التي تعبر إلى جنوب فلسطين وتقود من هناك إلى جنوب الأردن وشمال غرب شبه الجزيرة العربية إضافة إلى شبه جزيرة سيناء عبر ما عرف تاريخياً بدرب الحج وبالطريق التجارية المؤدية من الشام إلى مصر ، ناهيك عن طريق البريد .
أوقاف النبي موسى عليه السلام
تناولت عناية المسلمين بالمقام جانباً آخر بالغ الأهمية يرتبط بالوقف الذي كان يمثل العمود الفقري للإنفاق على المؤسسات الدينية والإجتماعية والتعليمية حيث يظهر كتاب وقف الملك الظاهر بيبرس على مقام النبي موسى عليه السلام أن الظاهر بيبرس وقف عام 668هـ /1268م جميع أراضي كل من قرية ترمسعيا والمزرعة الشرقية وصورباهر وخربة أبي فلاح وأريحا بما فيها أراضي الغور الممتدة بين دير السيق ( دير مار سابا) إلى قرية زعتره ، إضافة إلى أراضي وادي القلط وأراضي عين الفوار كما أنه سبل مياه عين الفوار ومياه وادي القلط والطاحونة الواقعة عليها .
وتفيد مجموعة من دفاتر الطابو العثمانية المعروفة بدفاتر مفصل قدس شريف العائدة إلى القرن العاشر الهجري / السادس عشر الميلادي والمحفوظة في رئاسة الوزراء التركية والموجود عنها نسخ مصورة في مؤسسة إحياء التراث والبحوث الإسلامية التابعة لوزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية والتي ترجم وحقق ودرس بعضه الدكتور محمد عدنان البخيت وزميله الدكتور نوفان السواريه ـ أن أوقاف السلطان المملوكي الظاهر بيبرس على مقام سيدنا موسى ظلت قائمة بل أن تلك الدفاتر تقدم صورة أكثر وضوحاً عن الحصص الموقوفة من تلك القرى وعن العائد منها لصالح المقام بالنقد العثماني المتداول آنذاك والمعروف باسم القطعة النقدية الفضية العثمانية الآقجة ، خصوصاً قرى ترمسعيا وصور باهر والمزرعة وأريحا .
كما تفيد مجموعة الدفاتر تلك أيضاً أن الأوقاف التي حبسها المسلمون على مقام سيدنا موسى عليه السلام قد زادت من توالي الفترات اللاحقة لفترة الظاهر بيبرس ويمكن الباحث أن يشير إلى أن أوقافه شملت مساحات أراضي قرى فلسطينية وعربية أخرى ففي لواءا لقدس مثلاً يشار إلى حصص في قريتي فاغور والعياض ومزرعة وادي فوكين وعشر المتحصل من نصف قرية الطور ن وفي لواء عجلون يشار إلى مساحات من قريت الكفرين ونمرين إضافة إلى مزارع وحواكير وقطع أراضي أخرى في لوائي القدس ونابلس .
وبدأ هذا الوقف للنبي موسى عليه السلام يضعف شيئاً فشيئاً لا سيما تحت الاحتلال البريطاني المنتدب حيث فقد الجزء الأكبر من أوقافه اليوم بسبب الاندراس والملكية الفردية الخاصة والأخطر من ذلك الاستيطان في منطقة الأغوار الذي يواصل التهام الأراضي بضراوة .
موسم النبي موسى
إن المواسم والأعياد قديمة قدم التاريخ البشري وهي تهدف إلى الاحتفاء والاحتفال وإحياء حدث من الأحداث وإن كانت تأخذ شكلاً دينياً فإنها تنبثق من حاجات الناس الاجتماعية والاقتصادية والسياسية كما انها تلبيها وتكسب المجتمعات تماسكاً ضرورياً للاستمرار وتمد الفرد بطاقة متجددة وقدرة على العمل والإنتاج ، وإن المتتبع للمواسم خاصة يلاحظ أنها ارتبطت من حيث الأساس ومنذ القدم بالزراعة ، لذا يأتي معظمها في فصل الربيع ومن هذه المواسم موسم النبي موسى عليه السلام الذي يحتفل به الفلسطينيون في فصل الربيع ، وكذلك موسم النبي صالح وموسم الحسين أو موسم وادي النمل في جورة عسقلان وموسم الداروم في غزة .
إن أول أشارة لموسم النبي موسى وردت في ( إتحاف الأخصا بفضائل المسجد الأقصى ) لشمس الدين السيوطي المتوفي سنة 880 هـ / 1475م ، إذ يقول : ( ... والناس يتحملون مشقة الذهاب إليه ـ مقام النبي موسى عليه السلام ـ ويبيتون عنده ومشقة الأياب ويبذلون الأموال في عمل المآكل والمشارب وأجرة الدواب يفعل ذلك الرجال والنساء من أهل بيت المقدس وغيرهم من الواردين عليه بقصد الزيارة لا يخلون بذلك حتى الآن ) ويدل قول : ( لا يخلون بذلك حتى الآن ) على شيوع هذه الزيارة قبله .
أما لإشارة الثانية فتوجد لدى أبي البقاء نجم الدين محمد بن ابراهيم بن جماعة المتوفي بعد سنة 901هـ/ 1496م ( الدر النظيم في اخبار سيدنا موسى الكليم ) إذ يقول : ( وصار ذلك الموضع ـ موضع القبة التي انشاؤها الظاهر بيبرس وعرفت بمقام النبي موسى عليه السلام ـ علماً يقصده الزوار والناس من العلما والصلحا ) .
مجير الدين الحنبلي والموسم
وهناك إشارة نجدها عند مؤرخ القدس مجير الدين الحنبلي ، الذي يحدد لأول مرة موعد الزيارة ومدتها في كتابه ( الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل ) الذي كتبه سنة 900هـ /الموافق 1495م فيقول : ( وهذا المكان ـ مقام النبي موسى ـ بالقرب من أريحا الغور من أعمال بيت المقدس ، وأهل بيت المقدس يقصدون زيارته في كل سنة عقب الشتاء ويقيمون عنده سبعة أيام ) .
ومما تجدر ملاحظته أن هدف الزيارة كانت للتبرك وما يرتبط بها من أكل وشرب من خلال ما تقدم يبدو أن زيارة النبي موسى اكتسبت اهمية متزايدة بعد بناء المقام في القرن السابع الهجري /الثالث عشر الميلادي ، ووصبت شعبية المقام أوجها ـ في عصر المماليك ـ في القرن التاسع وفي أوائل القرن العاشر الهجري /الخامس عشر الميلادي ، فقد كان الحجاج المتجهون إلى مكة والعائدون منها في أواخر العصر المملوكي يزورون القدس والخليل والنبي موسى وغيرها من المقدسات الإسلامية في فلسطين وهذا يعني أن المقام بدأ يكتسب طابعاً إسلامياً عاماً خارج حدود فلسطين في ذلك الوقت ثن تطورت وأزدادت شعبية الموسم والمقام زمن العثمانيين .
الموسم في العصر العثماني
لقد زاد اهتمام العثمانيين بمدينة القدس بعد انتصار السلطان العثماني في معركة مرج دابق وزيارته للقدس في عام 922هـ /1516م ، وأصبحت الأماكن المقدسة ببلاد الشام والحجاز ممثلة بمدن مكة والمدينة والقدس والخليل تحت سيادة الدولة العثمانية التي أهتمت كغيرها من الدول الإسلامية في تأمين طرق الحج لهذه الأماكن التي أصبحت تحت حمايتها ، فقد أصبحوا المدافعين الرئيسيين عن الإسلام .
زيارة الرحالة للمقام
إن كتب الرحالة مليئة بالإشارات إلى اختلال الأمن على الطرق خلال الحكم العثماني ، فقد زار الرحالة التركي أوليا جلبي فلسطين في سنة 1083هـ /1672م وذكر ( إن أرباب الاقطاعات يرافقون الحجاج المسلمين إلى الخليل وإلى مهد المسيح وإلى النبي موسى ، لأن الطريق غير أمنة ) وعندما زار الرحالة المغربي أبو سالم العياشي فلسطين عام 1074هـ /1662ـ1663م لم يتمكن من زيارة النبي موسى بسب انعدام الأمن على الطريق .
بالرغم من ذلك فقد زار مقام النبي موسى العديد من الرحالة في أ,قات مختلفة من العهد العثماني ، منهم على سبيل المثال أحمد بن محمد المقري التلمساني الذي زاره في الفترة 10ـ18 صفر 1122هـ /9ـ17 نيسان 1710م ، وهناك وثيقة من أوائل القرن الثاني عشر /الثمان عشر الميلادي تشير إلى أن شهرة الموسم كانت قد تعدت فلسطين والبلاد المجاورة فأصبح الزوار يفدون لزيارته ( من سائر بلاد الإسلام ) .
لقد قام الرحالة الألماني أولريش زيتسن وصفاً للمقام كما شاهده في أوائل القرن التاسع عشر فيقول : ( النبي موسى هو مجرد موسى صغير له برج صغير ( يقصد المئذنة ) ويحيط به سور وهو يضم بين جدرانه ساحة داخلية مرصوفة ببلاط رخام ، وقد سر العرب الذين رافقوني عندما شاهدوني أخلع حذائي قبل أن أدخل مع ان البلاط كان مبتلاً جراء المطر ... وكان القبر مكسواً بقماش أخضر ، وقد علق على قضبان فتحة النافذة التي ينظر منها الناس إلى القبر عدد لا يحصى من الخرق التي توضع هناك عادة الأتقياء من المسلمين ن وقد قبلناها وأدى صحبي صلاة قصيرة ) مما يشير إلى أن زوار النبي موسى كانوا يضعون الخرق على الضريح ويكومون الأحجار ( الشواهد ) في الطريق المؤدية إليه ، معتقدين أنها ستشهد يوم الحساب بزيارتهم للمقام ، وهذه عادة قديمة لا يقرها الشرع لا هي ولا بعض ( الأفعال القبيحة والأحوال الشنيعة .../... (مثل) الاجتماع مع النساء الأجانب والمغنيات ...
كما قدم صحفي ألماني وصفاً لموكب النبي موسى في سنة 1875م فقال : ( قوافل عديدة قدمت من دمشق إلى القدس وهي تحمل الأعلام الكبيرة والطبول الكثيرة ، في شوارع القدس الضيقة المزدحمة بالحجاج المسلمين ، وقد سمح الباشا هنا للحجاج ( المسلمين ) هذه المرة أن يأتون بسلاحهم ، وقد شارك في المواكب حسب تقدير المسلمين عدد من الحجاج يقارب العشرة آلاف شخص ..
الاحتفالات بموسم النبي موسى في القرن العشرين
كان موسم النبي موسى يشترك في سكان المدن والقرى في فلسطين وخاصة مدن القدس ونابلس والخليل وقراها ، وكان هناك برنامج زمني للاحتفالات يعتقد بأنه جزء منه وضع في مطلع القرن العشرين ، بعد أن أشتد التنافس بين أهالي منطقتي نابلس والخليل خاصة في الاشتراك في الاحتفالات .
ويقول الدكتور توفيق كنعان بأن الموسم يبدأ يوم الجمعة الذي يسبق يوم الجمعة الحزينة عند كنيسة الروم الأرثوذكس وينتهي يوم الخميس التالي ويسمى يوم الجمعة هذا ( جمعة النزلة ) بينما يطلق على يوم الجمعة الذي يسبقه اسم ( المناداة ) على الموسم أو الإعلان رسمياً عن أن موسم النبي موسى يبدأ يوم الجمعة التالية تتم في هذا اليوم وتسمى ليلة الخميس السابقة لجمعة النزلة ( ليلة الوقفة ) وكل من ينوي الاشتراك في الموسم يتأهب للأيام القادمة ويجتمع الأصدقاء والعائلات المختلفة وتتحدث عما تنوي عمله وتسمى ليلة الأربعاء الخميس لأن معظم الزوار يتأهبون فيها للمغادرة .
تبدأ الزفة بإحضار علم النبي موسى من المكان الذي يحفظ فيه طوال السنة ويدعى ( الدار الكبيرة ) التي تخص عائلة الحسيني ، حيث كان يجتمع الوجهاء في هذا المكان ، ويسلم العلم إلى المفتي على طبق قبل أن تقرأ الفاتحة ، ثم ينشر المفتي العلم والعلم مصنوع من المخمل الأخضر وأطرافه مخيطة كلها أو مطرزة بالخيوط الذهبية .
بعد ذلك كانت الزفة تتحرك ببطء إلى الحرم الشريف ، كان يصاحبها زمن العثمانيين فرقة موسيقية عسكرية وحرس شرف وفي عام 1921م صاحبتها فرقة الموسيقى المصرية.
وبعد صلاة الظهر تترك الزفة الحرم من باب الحبس أو باب علاء الدين البصيري ، ثم كانوا يمتطون الخيل ويتحركون ببطْ على الطريق الممتدة من طريق الآلام ليخرجوا من المدينة عبر باب ستنا مريم (باب الأسباط) .
وكان الناس يحملون أعلاماً تمثل الأولياء المختلفين في المدينة والقرى المجاورة وكل عام له شيخ أو ولي وأتباع ، يغادر الخلايلة الخليل يوم السبت ويخيمون في البقعة جنوب غربي القدس ، في اليوم التالي يدخلون من طريق باب الخليل وهم يغنون ويرقصون ويلعبون السيف والترس ويمضون ليلتهم في الحرم ثم يغادرون في وقت مبكر من اليوم التالي إلى المقام ، وكانت مواكب الزفة تخرج وفق ترتيب منظم بعد أن يكون كل شيخ قد أخبر جماعته قبل الموسم بيومين ليتجهزوا للموسم ، وكانت الطرق الصوفية من اكثر المتواجدين في الموسم مثل الرفاعية والقادرية ( البغدادية ) وطريقة الشيخ إبراهيم الدسوقي الرفاعية وطريقة السيد البدوي التي عرفت بالأقطاب الأربعة ، وكان الطبخ يصاحب أيام الموسم يومياً وهي عادة معروفة لنا منذ بدايات توثيق مصادرنا التاريخية والوثائقية لأيام الموسم ، حيث تشير إليها بالسماط ، ففي كل يوم كانت عائلة الحسيني وعائلة يونس تطبخان قنطارين (600 كيلوغرام) من اللحم في حلل كبيرة موقوفة على المقام ويخني الفول ويخني البصل والملوخية والباذنجان ، واليخني هي الخضار المطبوخة مع اللحم والسمن كما كانت العائلتان تعدان كمية كبيرة من الأرز على الطريقة الشائعة في فلسطين ( رز مفلفل ) وبصورة عامة كانت الكمية المطبوخة تكفي لتقديم وجبتين في كل يوم لزورا المقام : غداء وعشاء .
وفي خارج مبنى المقام كان معتاداً أن يجد المرء دائماً المقاهي التي يقيمها أصحابها من قماش الخيام الخشن ، وكان الزبائن عادة ما يجلسون في تلك الخيام على الكراسي العربية الواطئة ويشربون القهوة والشاي أو شراب الليمون أو النرجيلة .
الختان
وشاعت ظاهرة الختان ( الطهور ) جداً في هذه الأيام وفي هذا المكان ذي الحظوة تحديداً وكان الأطفال يلبسون ملابس حريرية جديدة مزينة بسلاسل وأزرار ذهبية .
الانتهاء من الموسم
وفي يوم الخميس يعود مركب النبي موسى رسمياً مع علم النبي ويكون معظم الزوار قد غادروا المقام وبعد وصولهم إلى رأس العمود تبدأ الزفة من جديد ، بيد أن نهاية هذا اليوم لا تشكل نهاية موسم النبي موسى ، ففي يوم الجمعة التالية ، يحتشد الناس في الحرم للاحتفال بزفة العليمات حيث كان يحمل فيها علم الصخرة المشرفة وعلم النبي محمد صلى الله عليه وسلم بعد صلاة الظهر في موكب مهيب من المسجد الأقصى إلى الصخرة المشرفة ليسلما لعائلة القطب صاحبة هذه المهمة الشريفة ، لتبدأ في هذا اليوم واليوم التالي مغادرة معظم زوار النبي موسى مدينة القدس عائدة من حيث أتت كل جماعة بطرق منظمة وزفة صغيرة تضم شيخ تلك الجماعة وحامل العلم .
وأخيراً
إن مقام النبي موسى يبقى شاهداً حياً في فلسطين ليظل شامخاً في صحراء القدس يقاوم عوامل الزمن وحوله ومنه انطلق المسلمون في صحراء القدس يقاوم عوامل الزمن وحوله ومنه أنطلق المسلمون في موسمهم السنوي لحماية مدينة القدس وهو مثال تاريخي أثري يستحق أن يذكر كأحد المراكز السياحية الهامة في فلسطين التي يجدر التنويه بها لكل زوار الأرض المقدسة القادمين من الشرق والغرب .
إعداد الباحث عباس نمر
عضو اتحاد المؤرخين العرب