إن تدوين التاريخ بجهد الحاضر ما هو إلا محاولة ثقافية جادة صادقة في التدوين والمنع من الاندثار ، فمن الواجب علينا نحن أبناء هذا الوطن أن نوفيه حقه بصدق وبإخلاص ، ليكون عملاً رائداً ومميزاً ، لأن عوالم المكان بمفرداته جزء أصيل من ثقافة الإنسان الفلسطيني المخاطب للعقل والوجدان بجمالية حب الوطن والإنتماء للأرض المباركة
واليوم تحدثكم قرية بيت جمال عن نفسها من خلال الموسوعات والوثائق الفلسطينية وخصوصاً موسوعة بلادنا فلسطين للمؤرخ المرحوم مصطفى مراد الدباغ ومجلدات المؤرخ الدكتور سلمان أبو ستة وكتاب الجغرافية التاريخية لفلسطين وشرق الأردن وجنوب سوريا للعلامة الدكتور كمال عبد الفتاح وزميله الدكتور ديتر هيتروت والكتاب الموسوعي الخليل للدكتور أمين مسعود أبو بكر ووثائق محكمة القدس الشرعية والكتب المفصلة العثمانية بالإضافة إلى الاستاذ سعدي عثمان النتشة الذي زودنا بالوثائق حول إحصاء النفوس في نهاية الدولة العثمانية حول بيت جمال والأستاذ عليان الهندي الخبير في الشؤون الإسرائيلية الذي حدثنا عن القرية من خلال الوثائق العبرية بعد ترجمتها والدكتور عبد القادر سطيح مدير المركز الثقافي التركي في رام الله الذي قام بترجمة الوثائق من العثمانية القديمة إلى اللغة العربية وكذلك الاستاذ سعدي العيسه (أبو شادي) ابن قرية زكريا قضاء الخليل الذي اجتهد دون كلل أو ملل من أجل الكتابة عن جارته قرية بيت جمال ، لأن المتصدر لهذا العمل أمثال الاستاذ العيسه ينبش ويبحث عن ماضي في صدور قلة من الرواة المتبقين علي قيد الحياة ويتجول في ذاكرة أرهقتها سنوات العمر وهموم الحياة .
وكم كانت سعادتي أن ألتقي مع الاستاذ والمؤرخ سعدي العيسه أبو شادي والمولود بعد النكبة الذي لم يطرق اليأس قلبه ولسانه وعقله لأنه مؤمن بالله وبأرضه المباركة وبحقوقه في وطنه وهيهات هيهات أن ينسى الإنسان الفلسطيني قضيته واليوم يحدثنا استاذنا ليس عن قريته زكريا الخليل بل عن جارته قرية بيت جمال التي تجاور قرية زكريا ، أو القرية التي عمل فيها والده قبل النكبة مزارعاً ومسؤولاً عن كثير من الأعمال في الزراعة وغيرها حيث استلم العمل في الدير الموجود في بيت جمال منذ عام 1918م حتى عام النكبة 1948م .
ولأهمية ما كتب ودون وبحث عن قرية بيت جمال إرتأيت أن أجري معه هذا اللقاء :
سؤال : الاستاذ القدير سعدي العيسة (أبو شادي) نرحب بكم في صحيفة القدس وأهلا وسهلا بكم وبداية حدثنا عن نفسك؟
جواب : الحمد لله أنا من ابناء جيل ما بعد النكبة عام 1948م، جيل عاصر الشقاء وحاربنا الشقاء بالشقاء، تحملنا الحياة بمرها واختلقنا لحظات السعادة من العدم.
جئت إلى هذه الحياة بداية صيف عام 1954م ، ولم أكن لأعرف ما ينتظرني من شقاء أخاله لا ينتهي، نحن جيل الأسمال البالية التي لا تقي حر صيف ولا قر شتاء، تحدينا الظروف الصعبة وتعايشنا معها رغما عن الأجواء الغاضبة، صيفاً وشتاءً، لا يرحم بشرا ولا شجر ولا حجر.
سؤال : أين تلقيت التعليم الابتدائي والثانوية والدراسات العليا ، وشيء عن سيرتك الذاتية؟
جواب : التحقت في مرحلة التعليم الابتدائي بمدرسة ذكور الدهيشة في مخيم اللاجئين مابين عام 1960-1969.
اكملت تعليمي الثانوي في مدرسة بيت لحم الثانوية ما بين عام 1970-1973م(دار جاسر أو قصر جاسر).
بعد ذلك التحقت بمعهد تدريب المعلمين – وكالة الغوث في رام الله 1973 – 1975، ثم عملت معلما في مجاهل المناطق الريفية الصعبة في المعيشة في منطقة جيزان في السعودية كان ذلك مابين عام 1975-1978.
وكلما امتدت الايام شعرت بأني والشقاء وصعوبة ظروف الحياة صنوان.
شدني الحنين إلى أرض الوطن الذي أحبنا وأحببناه وعشنا في حناياه، قصة عشق لا ينتهي، وكثرة ضغوط والدي علي حتى لبيتها حباً لهم,
واقترنت بزوجتي أم أبنائي (أم شادي) عام 1978م، ومنذ عام 1979-1980م عملت مشرف قسم داخلي في الجمعية المسيحية، للأراضي المقدسة (بني) واضطررت للخروج قسرا إلى الأردن وعائلتي للعمل في مجال التعليم وتحمل الظروف الصعبة القاهرة التي تأبى ان تفارقني وهذا من عام 1980-1988م، حيث كنت ضمن مجموعة المعلمين المعارين إلى جمهورية اليمن الشقيق من عام 1988-1992م.
حتى اضطرتني الظروف للاستقالة من العمل في الأردن واليمن والعودة إلى مخيم الدهيشة مسقط الرأس وملعب الصبا الذي حبه أوجع قلبي وسيطر على مشاعري ، انه الحنين إلى أرض فلسطين الحبيبة.
وشاءت الأقدار ان يتوفى والدي وأنا غريب عن الأوطان، كمان ان وفاة والدتي جعلتني أشعر بأن كل الاشياء الجميلة انتهت.
تبسمت لي الحياة للحظات، حين عاودت العمل في مدينتي بيت لحم،والقدس فقد عينت معلما في مدارسها عام 1992 حتى تقاعدي في العام 2014.
سؤال : ما هو دافعك الرئيس للبحث حول تاريخ قرية ( بيت جمال) بالتحديد؟
جواب : بيت جمال – ذاكرة الاباء والأجداد، موقف متشبث بذاكرتي رغم ثنيات الأيام والشهور والسنوات، عاد أخي الأكبر أمين( رحمه الله) زائرا إلى أرض الوطن عام 1974 بعد نزوحه عام 1967 وكانت فرحة والدي بعودته كفرحة طفل وجد لعبته المفضلة التي فقدها ولا أمل لديه بعودتها؟
فخططوا لرحلة عائلية إلى مرتع أيام شبابهم وصباهم ولحظة الوصول كنت أرى فرحا طفولياً في عيونهم ، أهازيجهم الرائعة تملأ المكان، ، أمضينا أياما قد كانت حلما جميلا تحقق، عاد بهم الزمن سنوات وسنوات، تعرفنا على مساكنهم وعلى أماكن عملهم وكأنهم لم يفارقوها إلا بالأمس وهي أربعة بيوت طينية كانت بمثابة قصور الجنة لهم، رأيت في عيونهم الحنين والاشوق إلى زمن جميل.
كنت أروي هذه الذكريات لأبني الاصغر “وجدي” هو الجزء مني الذي لم أكنه ، فتمنى انه لو يقرأ هذه الذكريات في كتاب عن بيت جمال، ولمع هذا التمني بداخلي، فقررت ان اقوم بإنجاز هذا العمل، علني أكون قد ساهمت في إثبات حق من حقوق ابنائي، والاجيال التي علمتها، في التعرف على ربوع الاباء والاجداد قريتي زكريا ومجاورتها قرية بيت إجمال التي ارتبطت بها اشد أرتباط، لعمل والدي وسكناه فيها ورغبتي في اعادة ما كتبته وأعيد ولو بالكلمات جزء من الذكريات التي سرقت.
سؤال : على ماذا اعتمدت في البحث، وإلى أين وصلت؟
جواب : لا زلت في البدايات من البحث والتقصي، حيث قمت بعمل مقابلات شفوية مع كبار السن التي وصلت إلى ما يربو على (20) مقابلة للرجال والنساء تتراوح اعمارهم مابين 78 والـ90 عام.
جميعهم أجمعوا على ان قرية بيت إجمال آهلة بسكانها منذ لا يقل عن 150 عاما خلت والدير القائم المشهور الآن، تم بناؤه عام 1881م.
فالكثير عملوا كمزارعين في أراضيه، وسكن عدد منهم فيها ، ونعموا بخيراته، حتى هجروا قسرا عام 1948م، وكان الشتات.
استقر الأغلب في مخيم الدهيشة وفي شرقي الأردن بحسب تتبع الروايات الشفوية.
سؤال : ما هي أبرز الصعوبات التي واجهتك في مجال هذا البحث ؟
جواب : لعل من ابرز الصعوبات كانت بالحصول على موعد للمقابلات الشخصية، وقد أبحث عنه لأسابيع حتى يتحقق اللقاء الذي قد يمتد لساعتين فقط.
والبعض لا يستطيع لظروفه الصحية القاهرة.
ومن الصعوبات الاخرى تشعب الحديث إلى مواضيع يرغبها ذلك الشخص ، فاتركه على سجيته.
اما انا الآن بصدد تفريغ هذه الروايات حسب مواضيعها ومن ثم تدعيم البحث بالمراجع اللازمة التي تدعم الأقوال، والتي تحتاج إلى جهد مضاعف لإنجازه وقد يأخذ فترات زمنية غير قصيرة، للعثور عليها وتوثيقها.
أما والدي رحمه الله فقد عمل في بيت جمال في أراضي الدير مزارعا بعد عودته من الخدمة، في الجيش العثماني، وكان عمره(26) عاما حتى عام النكبة 1948م.
سؤال : استاذنا الكريم سؤال أخير عرف القارئ الكريم بماذا كانت تشتهر قرية بيت جمال قبل النكبة 1948م
جواب : قرية ( بيت جمال ) والتي ظن البعض أن أثرها اندثر ولم تعد لها قائمة بعد عهد طويل من التغيرات في عدد البيوت والسكان كما ورد أنفا ً، حيث عاد نجمها ليسطع واشتهرت يديرها الذي حمل اسمها ( دير بيت اجمال ) الذي بناه وانشأه الراهب ( أنطون باولي ) عام 1881م وبعد أن انقشع غبار الحرب العالمية الأولى قام على العناية به عدد من رجال الدين ، حيث حملوا على كاهلهم عبء العناية بهذا الدير وأراضيه ومرافقة أمثال – الراهب أرتين وسبرديون وكودانه والطبيب الماهر ( السروجي ) الذي عني بعلاج الفلاحين وعائلاتهم وأشرفوا على ادارة مرافق الدير وكان المسؤولين والفلاحين يعملون بنشاط منقطع النظير كخلية نحل حيث احتوت مرافقه على معصرة للزيتون نتاج أراضيه ومطحنة للحبوب ومخازن للغلال من القمح والشعير والخضار والفواكه التي يعتمد عليها في توفير المواد الغذائية للمقيمين في الدير وغيرهم ويكفي أنه عمل في تلك الفترة الممتدة ما بين الحربين العالميتين وحتى ما قبل عام النكبة ما يربو على (15) حراثا ً لخدمة البيارتين الفوقا والتحتا حيث اشتهرت البيارة التحتحا بزراعة الاشجار المثمرة مثل الحمضيات والزيتون والعنب والرمان والنخيل أما بالنسبة للبيارة الفوقا فقد اشتهرت بزراعة الحبوب والخضار وبتكاثف جهود المزارعين والمسؤولين على خدمة الأرض وسقوها بعرقهم ودماءهم ولم يبخلوا عليها بجهودهم لتدر عليهم من خيراتها ونعموا بها هم وقاطنوا الدير .
ونما إلى علمي أن هناك مسؤولين عن العمل بعد رجال الدين من كان مراقبا ً للعمال في البيارة الفوقا أمثال ( عبد الفتاح عبد الجواد الفرارجة ) والبيارة التحتا مثل حسين شعبان الفرارجة ، وخلاوي الأسمر مسؤول عن الجميع وهو من قرية بيت نتيف وقدم المزارعين اغلبهم من قرية بيت نتيف وقرية زكريا وقد كان عددهم يربو على (60) فردا ًووالدي محمود عبد الرحمن العيسة رحمه الله كان مسؤولا ًعن الري وعن من يقطفون الثمار خاصة وكان هناك حارس لأراضي الدير وهو ( ابراهيم محمود حمدان العيسة ) حيث يمتطي فرسه ليتجول حول أراضي الدير وطبعا ً يحمل بندقيته ليحمي أراضي من المعتدين واللصوص .
ولا زال الدير يعمل حتى يومنا هذا ولا نستغرب أنه يحتوي على منحله لإنتاج العسل كما هو الحال في قرية زكريا وأغلب الظن أنه كان من مرافقه مزرعة تحتوي على عدد من الأبقار والأغنام يقوم على خدمتها عدد من الرعيان تسرح في السهول التابعة للدير أو يجلب لها العشب في أيام الشتاء إلى زرائبها والمثل الشعبي الدارج عند أهل زكريا (بقر الدير في زرع الدير) لم يأتِ من فراغ .
وبعد الإنتهاء من المقابلة نجود على القارئ الكريم بما جاد علينا أصحاب الموسوعات والدراسات عن بيت جمال والى الدراسة المختصرة عن هذه القرية الطيبة .
التسمية
أجمعت الرواية الشفوية من كبار السن الذين عاشوا في قرية ( بيت جمال ) بكسر الجيم وفتح الميم هو الاسم المورث وجاء في الوثائق العثمانية أن بيت جمال هو نفس الاسم الذي بقي معروفا ً حتى اليوم وهناك وثائق قديمة حيث كتب الاسم ( بيت إجمال ) وفي فترة الانتداب البريطاني جاء في وثيقة كتبت أنها ( بيت الجمال ) وتعرف اليوم في المنطقة بقرية دير بيت جمال أو بيت جمال ـ بيت الحكمة .
الموقع
تقع قرية بيت جمال في أقصى الغرب من قضاء القدس الشريف مع انحراف قليل إلى الجنوب وهي على حدود قضاء الخليل وهي على بعد (25) كم عن مدينة القدس وكان يمر من أراضيها جهة الغرب الطريق الذي يصل من الخليل بيت جبرين عرتوف باب الواد يتصل بطريق القدس يافا وكان في القرية أكثر من طريق ترابية تتصل بالقرى المجاورة ومتوسط الارتفاع عن مستوى سطح البحر (350) مترا ً .
المساحة والحدود
بلغت مساحة أراضي بيت جمال (4878) دونما ً ولا يملك اليهود فيها شبرا ً من الأرض .
يحد بيت جمال من الشمال قرية دير ابان وقريتي البريج وزكريا من الغرب ، ومن الجنوب والشرق قرية بيت نتيف.
عدد السكان منذ عام 1538م إلى 1945 م
وفي عام 1538م جاء في الدفاتر العثمانية المفصلة وفيها اسماء ارباب أسر دافعي ضريبة الزراعة في القرن السادس عشر الميلادي منها عامي 1538م-1596م .
قدر عددهم (90) نسمة أما عام 1596م – 1597م وصلوا إلى (200) نسمة تقريبا ً وعام 1871م قل عددهم وكانوا حوالي (50) نسمة وعام 1916م وصلوا إلى (57) نسمة وعام 1922م أصبحوا (59) نسمة أما في عام 1931 م زادوا إلى (168) نسمة منهم (90) نسمة مسلمون – (55) ذكر و (35) أنثى و(78) نسمة من النصارى 63 ذكر و 15 أنثى وفي 1945 وصلوا إلى 240 نسمة والراحلة نعمان القساطلي الدمشقي فقد قال أن عدد سكان بيت الجمال ( بيت جمال ) عام 1875م (400) مسلم ، وجاء ذلك في الجزء الثاني من الموسوعة الفلسطينية وهذا الرقم غير دقيق وسبب تناقص السكان وزيادتهم بين فترة وأخرى هو أنهم بدو رحل . حسب رواية الحاج شعبان محمود عطالله العيسه وعمره 89 عام
عدد البيوت المعمورة في بيت جمال من العهد العثماني وحتى عام النكبة 1948م
في اللغة العثمانية القديمة كلمة خانة تعني الحوش أو البيت المعمور باللغة العربية والخانة تطلق على البيت الصغير أو الكبير والوثائق التي بين أيدينا تبين أن عدد البيوت العامرة في قرية بيت الجمال عام 1938م هي (15) بينما عام 1596-1597 م فقد كانت (37) بيتا ًوفي عام 1871 م كانت (8) بيوت فقط وفي عام 1916 م أصبحت (9) بيوت عامرة بأهلها مع دير عربي وبني هذا الدير للأباء الساليزيون عام 1881م وفي 1931م كان لهم (23) بيتا ًمعموراً أما عام النكبة عام 1948م حسب التقديرات وصلت إلى 37 بيت معمور .
أسماء عائلات قرية بيت جمال
أسماء عائلات الأسر التي استطعنا جمعها وارتأيت أن أذكر مع الأسماء الموجودة قبل النكبة عائلات بيت جمال في نهاية العهد العثماني من احصاء دفتر النفوس عام 1916 السروجي ، آل الشيخ ( آل الشريف ) وهم من قرية دير الشيخ كان لهم أراضٍ زراعيةٍ في بيت جمال ، أبو سمرة ، الجعفري ، حسين إسماعيل ، الجمالي ( الجمال ) ، خلاوي الأسمر ، فرارجة ، العيسة ، عوض ، نصار ، بشارات .
من تاريخ بيت جمال
من خلال تصفحنا للوثائق العثمانية القديمة تبين لنا أن قرية بيت الجمال تنقلت بالتبعية بين قضاء غزة وقضاء الخليل وقضاء الرملة وأخيرا ً قضاء القدس عام 1948م ، فمثلا ً في أعوام 1526م إلى 1528م تبين أن ناحية الخليل كان يتبعها (36) قرية عشرة أهله بالسكان والبقية غير آهله مثل بيت الجمال ، بيت جبرين ، بيت عينون ، ترقوميا .. الخ .
وقيل في ذلك إلى أن بعض قرى ناحية الخليل لم تسجل أسماء فلاحيها بسبب مشاكل بينهم أما في عام 1532 كانت تابعة لناحية الخليل وكان أهلها يدفعون ضريبة الزراعة وفي عام 1538 م كانت بيت الجمال تتبع للواء غزة وعام 1596م أيضا ً كانت تتبع لواء غزة وبقي الحال حتى خروج ابراهيم باشا من فلسطين عام 1840م أصبحت تابعة لقضاء الخليل ناحية العرقوب ثم تحولت إلى ناحية بيت عطاب من نفس القضاء وفي بداية الثلاثينات في القرن الماضي تحولت إلى مدينة الرملة وفي عام 1938 تحولت إلى مدينة القدس الشريف .
من تاريخ بيت جمال في القرن السادس عشر الميلادي
من الوثائق العثمانية القديمة في الدفاتر المفصلة والمكتوبة بالخط العثماني القديم تبين لنا من خلال هذه الوثائق أن قرية بيت جمال شاهدة على حقبة من الزمن من تاريخ هذه القرية والتي كانت عامرة وزاهرة من خلال الوثائق والتي هي في القرن السادس عشر الميلادي وللأهمية إرتأينا أن نقدم في هذه الحلقة وثيقتين .
بيت جمال عام 1538م
من خلال الوثيقة التي بين أيدينا وهي من الدفتر المفصل لقضاء غزة عاشم والرملة والقدس الشريف والخليل وهو عام 1538م رقم (1015- ت ت) وجاء في الوثيقة التي قام بترجمتها من اللغة العثمانية القديمة إلى اللغة العربية الدكتور الفاضل عبد القادر سطيح مدير المركز الثقافي التركي في رام الله وجاء فيها أن أرباب الأسر الدافعة لضريبة الزراعة هم (15) وعندهم إمام أما الأسماء فهي :
عمران ولد عيسى ، سليمان ولد فزاع ، محمد ولد أو (معنى كلمة أو هو : الاسم الأخير من الاسم الذي قبله ، أي أن محمد ولد أو يكون هو محمد ولد فزاع) ، خوله ولد فزاع ، علي ولد فزاع ، صالح ولد سليمان ، محمد ولد سليمان ، سالم ولد سليمان ، عبد الحي ولد خليل ، عامر ولد شاور ، مهنا ولد عباس ، بن ماجد ، بن خاطر ، بن خليل ، بن ذياب ، بن أحمد ، وكانت القرية تدفع ضريبة الحنطة (قمح) والشعير وسمن وزيت بالإضافة إلى رسم الماعز .
وثيقة عام 1596م
هذه الوثيقة من كتاب : ( الجغرافية التاريخية لفلسطين وسوريا وشرق الأردن في القرن السادس عشر ) لمؤلفه العلامة القدير الاستاذ الدكتور كمال عبد الفتاح وزميله البروفيسور العلامة الدكتور ديتر هتروت وجاء في الكتاب أن بيت جمال كانت عام 1596م-1597م تتبع مدينة غزة وعدد أربابا لأسر الدافعة لضريبة الزراعة هو (37) كلهم مسلمون ونسبة الضريبة المدفوعة على المحصولات الزراعية (33%) وكانت ضريبة القمح أو الحنطة هي (1500) أقجة والأقجة هي عملة عثمانية مصنوعة من الفضة كانت في بداية الدولة العثمانية هي العملة المشهورة ) وكانت ضريبة الشعير (700) أقجة وضريبة الزيتون والأشجار المثمرة (1000) أقجة وكانت تدفع في تلك الفترة رسوم الزواج وقرية بيت جمال تشتهر بتربية الماعز والنحل .
ولأهمية هذه الوثيقة إرتأينا أن نرجع إلى أصلها وهي من الدفتر المفصل للواء غزة والذي قام بتوزيعه الدكتور كمال عبد الفتاح على المؤسسات والجامعات قبل ثلاثين عاماً تقريباً وفيها زيادة على ما جاء اسماء أرباب الأسر في قرية بيت جمال الدافعة لضريبة الزراعة وهم : بار بن حطاب ، خطاب بن حطاب ، اسحق ولد فزاع ، يعقوب ولد اسحق ، صالح ولد حميد ، علي ولد حميد ، سليمان ولد زيان ، مزيد ولد زيان ، صالح ولد معلم ، مصلح ولد معلم ، علي ولد معلم ، إبراهيم ولد عباس ، محمد ولد دريش ، سعيد ولد دولة ، شاكر ولد دولة ، خليل ولد علي ، عبود ولد عبيد ، عامر ولد عيسى ، غنام ولد عيسى ، عمير ولد عامر ، أحمد ولد عامر ، عبد الله ولد موسى ، أحمد ولد موسى ، علي ولد سعيد ، صالح ولد سعيد ، صالح ولد معلم ، عمران ولد عيسى ، عيسى ولد عمران ، عامر ولد عيسى ، خضر ولد عامر ، نجم ولد سليمان ، دولة ولد سليمان ، علي ولد سليمان ، علي ولد صالح ، وليد ولد عابد ، رضى ولد خلف ، حسين ولد خلف ، وللجميع (37) بيت معمور.
بيت جمال ناحية العرقوب وتتبع الخليل
من عام 1864م إلى عام 1914م كان في قضاء الخليل أربعة نواحِ وهي :
1ـ ناحية الخليل وجبل الخليل ويتبعها (15) قرية و(4) قبائل .
2ـ ناحية بيت جبرين ويتبعها (12) قرية .
3ـ ناحية عمامة أو العملة ويتبعها خمس قرى .
4ـ ناحية العرقوب ويتبعها (21) قرية .
وقرى ناحية العرقوب هي : زكريا ، بيت عطاب ، بيت جمال ، علار، كفر سوم ، وادي فوكين ، نحالين ، الجبعة ، بيت نتيف ، حوسان ، راس أبو عمار ، دير الشيخ ، عقور ، كسلا ، دير الهوى ، سفلى ، عرتوف ، اشوع ، صرعا ، دير أبان ، إجراش .
هذا وفي عام 1916م وجدت وثيقة عثمانية بعد تغير أسم ناحية العرقوب إلى ناحبة بيت عطاب لكن عدد القرى التابعة لها (17) قرية وكانت بيت جمال تتبع ناحية بيت عطاب في تلك السنة .
أسماء قطع الأراضي في بيت جمال
ظهرة بيت الناجي ، قلعة الحسان ،ظهرة الجلجل ، خربة الجلجل ، عراق أبو سمرة ، خربة أم الصماد ، قطعة فطير ، واد القصاصات ، خربة فطير ، منطقة عين فطير، خربة الدير ، خربة اللبوايه ، دير عصفور ، شعب العصفور ، مراح الخيشوم ، خلة ومراح أبو رشيد ، وعرة الرجوم ، شعب الحجات ، الشيخ أبو البلوطات ، مراح أبو لبن ، واد النهر ، أرض القصر ، جبل النمور ، خلة ربيع .
كلمة لا بد منها
إن الحنين إلى بيت جمال إلى أرضها الخصبة وخربها الأثرية وعيون وآبار الماء فيها والحنين إلى مدرستها حيث كانت في القرية مدرسة صغيرة التعليم فيها مختلط وعدد ممن تعلموا في هذه المدرسة تعلموا اللغة الايطالية حتى الطالبات وأتقنوها قراءة وكتابة ، يحنون إلى بيارات الحمضيات وكروم العنب والرمان والتين واللوزيات والصبر والزيتون وبساتين الخضرة المثمرة هو الحنين إلى مرتع الصبا يحنون إلى الدير الذي جعل من أرض بيت جمال بساتين غناء ، ونحن في أيامنا هذه تزايد أحساسنا بأهمية الماضي الذي نحن إليه ونحن بأمس الحاجة له للإستفادة منه في تدعيم بغيته من المعرفة لتكبر الفائدة من حب الوطن .
إن قرية بيت جمال صاحبة التاريخ العريق وأهلها الكرماء بحاجة إلى المزيد من الحلقات والشرح والتفصيل وإن ما قدمناه في هذه الحلقة المختصرة جداً والمتواضعة لا يفي بيت جمال ولا أهلها حقهم وأتمنى على أهلها جميعاً خصوصاً مسؤولي الدير البدء بإظهار التاريخ والجغرافية والتراث أو مساعدة مؤرخنا الاستاذ سعدي العيسة (ابو شادي) لتغذية دراسته لتكون عملاً قيماً نفيساً عن بيت جمال ـ بيت الحكمة .
وأخيراً
أزجي شكري لأسرة مؤسسة إحياء التراث والبحوث الإسلامية في أبوديس والتابعة لوزارة الأوقاف والشؤون الدينية التي دائماً تزودنا بالوثائق القديمة والقيمة ولا تبخل على أحد والشكر موصول إلى كل من أسرة مكتبة بلدية البيرة العامة ولأسرة مكتبة القطان في رام الله ولأسرة مكتبة بلدية رام الله العامة وذلك لجهد الجميع الصادق والمخلص في إعطاء المعلومة ومساعدتهم للباحثين والمهتمين وتيسير كل وسائل البحث الجاد سائلاً المولى أن يجزيهم الجزاء الأوفى والله أسأل التوفيق والسداد وإلى لقاء في حلقة قادمة إن شاء الله